الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
{وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ الله إِلاَّ وَحْيًا} الآية: بين الله تعالى فيها كلامه لعباده، وجعله على ثلاثة أوجه أحدها المذكور أولًا وهو الذي يكون بإلهام أو منام والآخر أن يسمعه كلامه من وراء حجاب الثالث الوحي بواسطة الملك وهو قوله: {أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا} يعني ملكًا، فيوحي بإذنه ما يشاء إلى النبي، وهذا خاص بالأنبياء والثاني خاص بموسى وبمحمد صلى الله عليه وسلم؛ إذ كلمة الله ليلة الإسراء، وأما الأول فيكون للأنبياء والأولياء كثيرًا، وقد يكون لسائر الخلق ومنه، {وأوحى رَبُّكَ إلى النحل} [النحل: 68] ومنه؛ منامات الناس {أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا} قرأ نافع يرسل ويوحي بالرفع، على تقدير أو هو يرسل والباقون بالنصب عطفًا على وحيًا لأن تقديره: أن يوحي عطف على أن المقدرة.{وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا} الروح هنا القرآن، والمعنى مثل هذا الوحي، وهو بإرسال ملك أوحينا إليك القرآن، والأمر هنا يحتمل أن يكون واحد الأمور، أو يكون من الأمر بالشيء {مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الكتاب وَلاَ الإيمان} المقصد بهذا شيئان: أحدهما تعداد النعمة عليه صلى الله عليه وسلم، بأن علمه الله ما لم يكن يعلم. والآخر احتجاج على نبوته لكونه أتى بما لم يكن يعلمه ولا تعلمه من أحد، فإن قيل: أما كونه لم يكن يدري الكتاب فلا إشكال فيه، وأما الإيمان ففيه إشكال لأن الأنبياء مؤمنون بالله قبل مبعثهم؟ فالجواب أن الإيمان يحتوي على معارف كثيرة، وإنما كمل له معرفتها بعد بعثه، وقد كان مؤمنًا بالله قبل ذلك، فالإيمان هنا يعني به كمال المعرفة وهي التي حصلت له بالنبوة {ولكن جَعَلْنَاهُ نُورًا} الضمير للقرآن. اهـ.
|